ليلة العيد في مستشفى حكومي بقلم شيماء المرسي فايد | معاناة وأمل بين أروقة الطوارئ
شيماء المرسي فايد

ليلة العيد في مستشفى حكومي بقلم شيماء المرسي فايد | معاناة وأمل بين أروقة الطوارئ
مقال مؤثر بقلم شيماء المرسي فايد عن ليلة العيد داخل مستشفى حكومي، يرصد مشاهد الألم والأمل، صرخات المرضى وتعب الأطباء، ورسائل إنسانية عن الصبر والامتنان وسط المعاناة.
” ليلة العيد في مستشفى حكومي “
كنت أرتب اغراضي بعنايه
جلباب مزركش يناسب زوقي المائل للصخب لصلاة العيد
فستان ذا لون داكن يناسب تلك الكيلو جرامات التي اكتسبتها فى الشهور الأخيره ..
ثم بيجامة قطنية فاتحه للنوم …. أبتسم واغني يا ليلة العيد
بعضا من العطور لا تفارقني ذات طابع هادئ ممزوج بالفواكه والزهور
ثم أصوات الألم …. ماذا حدث ؟؟؟ لست أدرى ؟؟
أقف كالبلهاء أشعر بالتوتر …. ثم صوت بداخلي يهمس
– لا شئ مجرد وعكة ليس اكثر ….
الصيدليه … دكتور … أدويه . … لا فائدة … مازال الألم مستمرا
شارفت الساعه الثانية عشر صباحا
انها ليلة العيد … جميع العيادات مغلقه .. . المستشفيات الخاصه لا تجيب على الهاتف …
ثم يا إلهي إن المستشفيات الخاصه تأتى لك بمرض فوق المرض وتأخد منك بعضا من الالاف في مقابل خدمة زيادة الألم أو زيادة الدفع … أيهما تفضل يا عزيزي المواطن ؟؟؟؟
لم يكن هناك خيارات …. سائق التاكسي توجه مباشرة للمستشفى الحكومي الذى يحبه
ترجلنا ….. أشعر بتوتر رهيب … أنااااااااااس هنا وهناك
أصوات الألم منتشرة في كل مكان …. نظرات ترقب من الأقارب
ممزوجة بالغيظ من طاقم التمريض الذى يتعامل بهدوء ولا مبالاه
— احم أحم
– خير
– يعني اكيد مش جايه اتفسح
– – طب هتكشفي ايه
تعلو أصوات هنا وهناك . . صراخ مفزع … حادث … أطفال…سيدات … رجال … يصرخون طلبا للنجده
يا إلهي اسمع دقات قلبي ترتفع …. الدماء تغرق المكان … الترولى يحمل ثم يحمل
التمريض والأطباء يهرولون … تدفق الدمع إلى عيني
حينما قطع حبل هلعي صوت الموظف
– انت ياست … هتكشفي ايه ؟؟؟
نظرت اليه باستنكار ولسان حالي يقول : يالك من قاس ميت القلب
انهيت الإجراءات… دخلت الغرفه …علقت المحاليل والمسكنات
أشعر بالتحسن.. ولكن المحلول يقطر بهدوء وبطء … اخذت اعد قطرات المحلول ….. افكر في الجلباب المزركش…. لابد اني لن أتمكن من صلاة العيد ….
( ٥٨٧ رقم قطرة المحلول )
أصوات الألم بالغرف المجاورة تتعالى …
” الحقوني ” ثم بكاء متواصل
” حسبنا الله ونعم الوكيل ” أصوات أقارب المرضى يشتكون الأطباء والتمريض لله القادر على سحقهم وسخطهم قرده وخنازير
يا إلهي
ان طاقم الأطباء والتمريض لا يهدأ ولا يكل ولا يمل …. ولكن الوجوه تتغير كل ساعة .. . لا يشعر المرضى بمقدار ارهاقهم … تدخل كل حالة تصرخ من الألم وتريد الجميع تحت اقدامها …
جميع الناس يئنون حولهم …. يتعاملون برفق ويترجمه المرضى برووود ويترجمه الأقارب تناحه وتهرب من العمل
( ١٠٩٠ رقم قطرة المحلول )
ماهذا الكم الهائل من الضغط …. لا حول ولا قوة الا بالله
أصوات أناس في الطرقات تشكو وتتذمر وتتشاحن
-شفتي مرات اخوكي البارده ،،، مش فارق معاها لو امك ماتت
– ما طبعا امال هتزعل يعني …
– ياختي اخوكي ده بيحبها على ايه
– ضاحكه عليه وعامله فيها طيبه وهبله
– ماحدش اهبل غير اخوكي
قاطعهم صوت الطبيب : مين مع الحاله
الاثنتان في أن واحد : انا يا دكتور
لهفه وقلق ورجاء
أصوات الموت ترتفع بين الستائر التي تفصل المرضى بعضهم عن بعض ….
يجر الأطباء اقدامهم على الأرض كالعجائز لا يقووا على الحركة
التمريض تقتله الرغبة في الراحه دون جدوي فأصوات حسبنا الله ونعم الوكيل ترج الطوارئ
وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الألم شديد
( ٢٢٥٥ رقم قطرة المحلول )
نسيت كل شئ
الحمد لله على كل النعم
كثيرة نعم الله علينا …. تغرقنا النعم …. لا نشعر بها
جاءتني فكرة مجنونة
سأقوم بزيارة مريضه بالغرفه المجاوره … سأتوقف عن عد القطرات …. سأتوقف عن الكتابة .. . سأعود بعد قليل
دقائق قمت بزيارة سيده بدأت تشعر بتحسن … كانت تضحك مع رفيقها وهو في الغالب ابنها …. شعرت السيده بالسعاده حين زرتها وقلت لها بابتسامة عريضه … انتهزت فرصة وجودى بالمشفى لزيارة مريض … شكرتني … الححت عليها اذا كانت تريد شيئا … اكدت انها في خير حال
خرجت لغرفة أخرى….. طفله سودانيه …. ربما في العاشرة
سألت رفيقتها ما بها …. قالت بحزن : سكرى
اغروقت عينا الطفله بالدموع … اقتربت منها وقبلتها …. اخبرتها أن أول عيديه ستكون مني … ابتسمت … اخذت العيديه بفرحه
تراقصت دقات قلبي …. لقد فعلت شيئا ايجابيا وأدخلت الفرحه على مريض … عل ربي في جواره فقد عدت ربي أيضا …. ثم إلى غرفة ثالثه ❤🌹 أشعر بالسعاده والامتنان لله
تناقص المحلول جدا …. مر الوقت …. زال الألم …..
أصوات الأنين هنا وهناك …. ما زال أناس يدخلون صارخين ألما
متهمين طاقم العمل بالمحسوبيه والكسل والقسوة مثلما فعلت أنا منذ لحظات
يا إلهي
لا يوجد ظالم او مظلوم عن عمد ….
يدخل أناس مشوشين من الألم يصيحون بأناس مشوشين من الإرهاق…. ثم يتعافون فيبتسمون ويعتذرون ثم يخرجون ليدخل غيرهم…. ويبدو أن الآخرين قد اعتادوا على الصراخ واعتادوا على الاتهام فأصبحوا يتعاملون بلا مبالاة …”” إن شكرتني فلا بأس وإن قذفتني فلا بأس “”
والحمد لله ربى الذى أنعم على بنعم لا تعد ولا تحصى
وها أنا ذا استعد للخروج من المشفى … ربما لن ارتدى جلبابي المزركش في السادسه صباحا …. ربما لن أنعم بفنجان قهوه بفستاني الداكن في الخامسة مساء
ولكني حقا أحمد لله …حتى يبلغ الحمد منتهاه ❤
بقلم :
#شيماء_فايد