
الشيخ محمد حشاد.. رحلة دعوية وتعليمية بين المنبر والفصل الدراسي
الشيخ محمد حشاد واحد من أبرز العلماء والدعاة في مصر، جمع بين الخطابة والتعليم، وترك بصمة واضحة في نشر القيم الإسلامية والأخلاق. اكتشف سيرته وإنجازاته عبر التحرير الإخبارية.
الحياء لا يأتي إلا بخير
يُعَدُّ الحياء من أسمى الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، وقد قرر النبي ﷺ قاعدة خالدة بقوله: «الحياء لا يأتي إلا بخير» (رواه البخاري ومسلم). وهذه القاعدة النبوية الموجزة تعكس عمق الصلة بين الحياء وبين منظومة القيم الإنسانية والإيمانية؛ إذ لا يثمر الحياء إلا خيرًا في القول والعمل والسلوك.
فالحياء يردع الإنسان عن الرذائل، ويُحَصِّن المجتمع من الانحراف، ويبعث في النفوس الطمأنينة والسكينة. وهو في الوقت نفسه عنوان قوة داخلية ورقيٍّ حضاري، لا ضعف فيه ولا تراجع، وإنما هو انضباط ذاتي ينبع من شعور الإنسان برقابة الله تعالى، وبمسؤولية الكلمة والفعل.
ومن هنا تتأكد الحاجة إلى إحياء فضيلة الحياء في زمن تتسارع فيه التحديات، وتتشابك فيه القيم، لتبقى المجتمعات محافظة على أصالتها الأخلاقية وهويتها الإنسانية. فالحياء ليس مجرد خُلق فردي، بل هو ضمانة جماعية لحياة متوازنة يسودها الاحترام، ويغشاها الخير.
الحياء قيمة إنسانية وإيمانية
إن الحياء ليس مجرد خُلق اجتماعي أو سلوك موروث، بل هو قيمة إنسانية أصيلة تنبع من أعماق الفطرة السليمة، وتترسخ بالإيمان الحق. فإذا استقر في القلب أثمر ورعًا في الجوارح، وانضباطًا في السلوك، وسموًّا في المعاملة. ولذلك قال العلماء: من استحيا من الله حق الحياء، راقب أفعاله في السر والعلن، وحاسب نفسه على الصغيرة والكبيرة.
الحياء حصانة للمجتمع
لا يقف أثر الحياء عند حدود الفرد فحسب، بل يتجاوز إلى المجتمع بأسره. فهو السياج الواقي من التفلت الأخلاقي والانحدار القيمي، وهو الضمانة الحقيقية لاستقرار العلاقات الإنسانية على أسس من الاحترام المتبادل. وإذا غاب الحياء عن مجتمع، تفشت فيه الجفوة والفظاظة، وسادت فيه مظاهر التبجح والاستهتار، وضاعت منه مقومات السكينة والطمأنينة.
الحياء قوة لا ضعف
قد يظن بعضهم أن الحياء ضعف في الشخصية أو تراجع عن المطالبة بالحقوق، بينما الحياء في حقيقته قوة داخلية رادعة، تنبع من إحساس المرء بكرامته الإنسانية ورقابته لذاته أمام الله أولًا ثم أمام الناس. فالحياء يرفع صاحبه عن الدنايا، ويمنعه من التورط في الرذائل، ويُكسِبُه احترام الآخرين وتقديرهم. إنه ليس خجلًا ساذجًا ولا ترددًا مَرَضيًّا، بل هو أدب رفيع، وضبط للنفس، وصيانة للكرامة.
الحاجة المعاصرة إلى الحياء
في ظل ما يشهده عالم اليوم من تحولات ثقافية سريعة، وما يعتريه من انفتاح غير منضبط في الوسائط الإعلامية والسوشيال ميديا الافتراضية..
تبدو الحاجة ماسّة إلى استحضار فضيلة الحياء. فهو الذي يضبط السلوك الرقمي كما يضبط السلوك الواقعي، وهو الذي يردع الإنسان عن الإساءة في القول أو الفعل، ويعيد التوازن بين الحرية والمسؤولية.
خاتمة
إن كلمة النبي ﷺ: «الحياء لا يأتي إلا بخير» ليست مجرد وعظ عابر، بل هي قاعدة تأسيسية لبناء مجتمع راقٍ يقوم على الأخلاق، ويحتكم إلى القيم، ويصون إنسانيته في مواجهة تحديات المادة والانفتاح. فإذا تخلّق الفرد بالحياء، سَلِمَ قلبه، وصلُحت علاقاته، وارتقى المجتمع كله. ومن هنا يتأكد أن الحياء ليس خيارًا ثانويًّا، بل ضرورة حياتية، وعلامة حضارية، وزينة للإيمان والإنسان معًا.
🔗 اقرأ المزيد عبر التحرير الإخبارية